القائمة

غرفة الأم

من روايتها الأولى “الفردوس اليباب” إلى روايتها “غرفة الأم” التي صدرت مؤخرا، تؤكد ليلى الجهني أن الأسلوب الجميل والأصيل لا يتغير ولا يتبدل مع مرور السنين بل يتألق، ويصبح أكثر رشاقة وجمالا.

لهذا لم أفرح بصدور عمل منذ زمن طويل كما فرحت برواية “غرفة الأم” والمفارقة أنني بكيت وأنا أقرأ هذه الرواية في الطائرة عائدا إلى جدة، في رحلة قد تعطل فيها النظام الترفيهي للطائرة، مع وجود حالة تتطلب إنعاشا رئويا لأحد الركاب!

 هذا التزامن العجيب والذي يحضر في حياتنا بشكل غريب حضر أثناء قراءة “غرفة الأم” مما ساهم في خلق حالة من الشجن، والتماهي مع النص الذي بدا وكأنه يكرس للحالة الإنسانية الذي يحتفي بها الأدب دائما.

وأنا منحاز دائما لما تكتبه الأستاذة ليلى وأنا عندما أقول أستاذة فإني لا أبالغ، لأن تجربتها السردية كانت من أكثر التجارب قربا وصدقا، ليس أنا فقط بل يتقاطع معي قراء وكتابا من جميع أنحاء العالم العربي، فعندما قابلت الروائي الكبير بهاء طاهر رحمه الله ذات لقاء، وسألته عن الروائي السعودي المفضل لديه، ذكر ليلى الجهني دون تردد.

أتذكر عندما كنت أكتب روايتي “نحو الجنوب” وكنت وقتها أعاني من إعياء سردي، وقد صدرت في ذلك الوقت روايتها “جاهلية” وبمجرد قراءتها، انطلقت في كتابة الرواية حتى انتهيت منها، بعد ذلك أجري معي حوار في إحدى الصحف المحلية حول “نحو الجنوب”، وذكرت حيثيات العمل، فنشر الحوار، يعلوه بالبنط العريض “طاهر الزهراني: كتبت متأثرا بليلى الجهني”، لا شك أنني منحاز لليلى ففي آخر مشاركة لي في مسقط قدمت ورقة عن السلطة والمجتمع في رواية “جاهلية”

في هذه الرواية لا زالت لغة ليلى التي نعرفها حاضرة، مع توظيف بارع للهجة المحلية التي عودتنا عليها من قبل، وقدرة فنية في استثمار التفاصيل.

“غرفة الأم” رواية صغيرة، تتحدث عن الفقد الكبير، كتبت بأسلوب بارع، ولغة سردية تسري في الروح، وتبقى في الذاكرة.

شارك
طاهر الزهراني
طاهر الزهراني

طاهر الزهراني كاتب، وروائي، ومحرر أدبي.

المقالات: 46

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *