القائمة

ماركيز وروح الشرق

أقرأ هذه الأيام كتاب ماركيز: “رحلة إلى البلدان الإشتراكية” بدلالة من الصديق فؤاد الفرحان، في البداية استثقلت الكتاب لعدة أمور منها أن فصول الكتاب نشرت تابعا عام 1957م في مجلة كولومبية، كتابة قديمة، وعن الاشتراكية، لكن في النهاية ماركيز، الذي لو كتب في الرياضيات لكان ما كتبه ممتعا.

لقد رصد ماركيز تفاصيل تلك الرحلة بعين السارد المتربص لكل التفاصيل.سرد ماتع وبديع، لا يخلو من روح الدعابة، وفطنة الناقد.

هذا الكتاب يهم الجميع، من له اهتمام بالسياسة، والاقتصاد، والتاريخ، والفكر، والأدب، والأخلاق، وكيف لأدوات السرد أن تعطي لأي نص جماليته وسحره وحلاوته حتى وهو يكتب وثيقة لمرحلة ما، حتى وإن كانت مرحلة بائسة.

مما استوقفني في الكتاب، ما ذكره ماركيز عن كرم الروس فيقول: ” كان على المرء أن يكون متحفظا وألا يبدي إعجابه بكل شيء يراه لدى السوفيات حتى لا يجردهم منه، وذلك لشدة سخائهم، إذ دأبوا على أن يقدموا لنا كل شيء، سواء أكان ثمينا أم عديم الفائدة. 

في موسكو توقف أحد الموفدين لتناول قطعة من المثلجات، فوجد نفسه مضطرا لأكل عشرين قطعة بدل قطعة واحدة، مع ما يرافقها من البسكويت والسكاكر.

كان من المستحيل أن يدفع المرء فاتورة حسابه في مكان عام، فالجواب حاضر دائما: لقد دفع الحساب زبائن الطاولة المجاورة. 

وفي أحد الأيام -والكلام لماركيز- أوقف أحدهم رفيقنا في الشارع وصافحه، وترك في يده عمله ثمينة تعود إلى أيام القياصرة، ولم ينتظره ليقول شكرا!

ويذكر أن الناس كانوا يدسون في جيوبنا المال وهم في طريقهم للمسرح.

يعلق ماركيز: إنها الرغبة في العطاء لمجرد العطاء” انتهى كلامه.

إنها روح الشرق يا سادة.

شارك
طاهر الزهراني
طاهر الزهراني

طاهر الزهراني كاتب، وروائي، ومحرر أدبي.

المقالات: 57

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *