في بداية التسعينات كانت تعرض برامج رياضية في أوقات محددة على التلفاز، فمثلا تعرض مبارايات التنس يوم الخميس قبل العصر على القناة الثانية، ويوم الجمعة يعرض برنامج الفروسية من بعد العصر على القناة الأولى، التنس ربما يعرض بسبب بعض المقيمين في المملكة، أتذكر مبارايات التنس، كان الشاب الأكثر حضورا ومنافسة، وفوزا شاب لديه شعر ذهبي طويل يدعى أندريه أقاسي، هناك شيء يشبه السحر في متابعة هذا الرجل وهو يلعب، رغم أني لا أعرف قوانين الرياضة، وليست هناك ترجمة لحديث المعلق.
أظن بعض جيلي يعرف هذا الرجل بسبب صوره في الدعايات وهو يرتدي نظارة من ماركة معروفة، وكذلك الساعات، والأحذية الرياضية.
ثم فجأة خرج لنا وقد حلق شعره الذهبي الفاتن.
يحدث أحيانا، أن يخلط القائمون على القناة الثانية بين دوري الرجال ودوري السيدات في التنس، وتظهر لاعبة ألمانية مذهلة القوام هي شتيفي قراف، في بعض الأسابيع تنقل المباريات، -ليس كل المباريات كاملة لأن اللعبة قد تأخذ ساعات طويلة- لكن قد تستمر حاضرة في الشاشة أشاهدها وهي تلعب بخفة وبهاء، وتضبح أحيانا وهي تضرب الكرات الخضراء تجاه اللاعبة الأخرى.
قبل سنوات أخبرني زميل في العمل أنه يلعب التنس الأرضي في ملعب الخطوط السعودية، وفورا قلت له تعرف لاعب أسمه أندريه أقاسي لاعب أمريكي مشهور كان يلعب في بداية التسعينات قال: يا حبيبي أنا ولدت في منتصف التسعينات!
في ديسمبر عام ٢٠٢٢م أيام معرض الكتاب في جدة، بعد المعرض ذهبنا مجموعة من الأصدقاء لتناول العشاء أنا وفؤاد ،ومهدي، وعبدالله البصيص وأستاذنا الجميل أمير تاج السر، أثناء الحديث تحدث فؤاد عن سيرة بديعة لأندريه أقاسي صدرت قبل سنوات بعنوان:Open فاقترح فؤاد على عبدالله البصيص ترجمة الكتاب ليكون من ضمن إصدارات دار وسم، وبالفعل تواصل عبدالله مع دار النشر وحصل على الحقوق.
في ديسمبر العام الماضي تواصل معي العزيز عبدالله وأخبرني أن الكتاب صدر، وفي الدار نسختان هدية لي ولفؤاد، فحصلت عليه، الكتاب قرابة 600 صفحة لذا أجّلت قراءة الكتاب لوقت ما، يوم الجمعة الماضي بدأت في الكتاب ولم أشعر بالوقت، وانتهيت من قراءته اليوم فجرا.
قبل أن أنهي الكتاب اتصل فؤاد وأخبرته أنه تبقى لي 150 صفحة، فقال: نتكلم في وقت آخر إذن، أنتظر رأيك في الكتاب.
في ظني هذا الاندماج مع الكتاب سببه معرفة الظرف الثقافي والفني والسياسي أظن، والرموز والنجوم لذلك الزمن، تحديدا عقد التسعينات الجميل ثم المفاجآت التي تصدم القارئ بعد كل فصل، فعندما اقتربت بروك شيلدز منه وحضر جهاز الفاكس توقعت أنه الأمور لن تسير على خير، أيضا صدمت عندما عرفت أن صاحب الشعر الذهبي كان مصابا بالصلع، وكان يضع باروكة على رأسه، ثم تظهر قراف الأسطورية في المشهد وتصد أفضل لاعب في العالم في تاريخ التنس، ولا تبادله أدنى درجة من اللطف،دفعته أكثر من مرة، أرسل باقة ورد ولم تستقبله، يتواصل معها فلا تستجيب، إنها مدرعة ألمانية هائلة، وفي حالة تشبه قذف آلة التنين بوابل من الكرات العنيفة، استطاعت كرة من أقاسي أن تحرز هدفا في ملعبها، فيتزوج أفضل لاعب من أفضل لاعبة.
الكتاب مليء بالمشاهد والصور الحياتية والإنسانية البديعة، منها شعوره بالفراغ عندما كان هو الرقم واحد في لعبة التنس في العالم، مواقفه الإنسانية مع أصدقائه عندما ولد لأحدهم ابنا خديجا، والآخر الذي انكسرت رقبة طفلته فجهز لهما طائرته الخاصة ووفر لهما فريق طبي لنقلهما لولاية أخرى.
ينهي أقاسي كتابه بشكر جميع من وقف معه أثناء كتابة سيرته ويذكر أنه يتمنى أن يساعد الكتاب أطفاله في تجنب الأخطاء التي وقع فيها ويقول خاتما كتابه: “من بين جميع أخطائي الكثيرة التي أريد أن يتجنبها طفلاي، أنني تأخرت في اكتشاف سحر الكتب.. أضع هذا الخطأ بالقرب من أعلى القائمة”
كتاب جميل، سيرة بديعة، ومواقف إنسانية جديرة بالتأمل.
شكرا لفؤاد على الدلالة، وشكرا لدار وسم على ترجمتها ونشرها لهذا الكتاب.
محدودية الوصول في سنوات التسعينات وما قبلها كانت لها آثارها الجميلة أيضاً .. بحثت عن الكتاب على تطبيق أبجد ولم أجده .. سأقرأه لو توفر في وقت ما إن شاء الله .. شكراً لك على الحديث عن الكتاب ومقدماته الشخصية بالنسبة لك.
على الرحب عزيزي، سعدت بتعليقاتك الجميلة، وأتمنى أن يصل إليك الكتاب قريبا.