رسائل الطعام
عامله جميع من في بلدته كخائن عندما بدأ في إعداد الطعام الحديث بطرق مبتكرة، دون التخلي عن العراقة الإيطالية.
لكن “ماسيمو” الذي نشأ في مطبخ جدته متأملاً الأشياء بصورة لا يتسنى لأحد أن يراها، قرر المواجهة، والمحاربة بجسارة.
كان يقول للنقاد عندما يوجّهون له النقد اللاذع “انتظروا سوف أجعل حياتكم أسوأ”
..
في عام 2012 ضرب مدينة مودينا الإيطالية زلزالا فتهدمت الكثير من المباني ودور العبادة، فيحك “ماسيمو” ذقنه بعد أن سكنت الأرض، ثم يتلقى اتصالاً يطلب النجدة فقد كان من ضمن هذه المباني التي لحقها الضرر “مجمع الجبن” بالمدينة والذي يحوي 360 ألف قالب جبن معتق، من نوع البارمزان، وهذه كارثة أخرى ستحل بالعمّال، ومتاجر الجبن!
الطهاة ليسوا مجرد آلات لصنع الطعام، والطعام ليس مجرد مواد تمد الإنسان بالغذاء فقط، الأمر يتجاوز ذلك إلى حد بعيد.
في جمجمة “ماسيمو” تتفاعل العبقرية، بالإبداع، الفن، والذوق، من أجل الخروج من هذا المأزق المصيري، ليبتكر طبقاً جديداً، سيعتمده 40 ألف طاه حول العالم في قوائهم!
ذلك الطبق هو الأرز بجبن البارميزان، والذي أطلق عليه ماسيمو “ريزو كاتشو إي بيبي” وخلال فترة قصيرة بيعت جميع قوالب الجبن الـ 360 ألف، ولم يفقد عاملاً وظيفته، ولم يغلق أي محل لبيع الجبن أبوابه.
إنها “وصفة كبادرة اجتماعية” كما يقول “ماسيمو”
..
الابتكار، والابداع، والوقوف أمام المعضلات بهدوء، جعل “ماسيمو” لا يستسلم لأي حادثة، بل يسيّرها في صالحه، ثم يصنع منها عملاً خلاقا.
يذكر “تاكا” أحد العاملين معه أنه قام بإعداد فطيرة ليمون يقول:”كانت الفطيرة جاهزة للتقديم، وعندما حملتُ الطبق سقطت الفطيرة!”
يقول “تاكا”: “في تلك اللحظة فكرت في الانتحار على طريقة الطقوس اليابانية”
لكن “ماسيمو” كان له مواقف آخر، فقد أخذ ينظر في الفطيرة التي وقع نصفها على الأرض، وبقي النصف الآخر على الطبق، ليقرر أن يقدم ما تبقى من الفطيرة للزبون المنتظر، حيث أوهمه أنهم يقدمون الفطيرة بذلك الشكل الخرب!
وسمى “ماسيمو” هذا الطبق “تباً.. لقد أسقطت فطيرة الليمون”
إنه الإبداع يرفع قيمة الأشياء.
“ماسيمو” الآن من أشهر الطهاة في العالم، وحائز على ثلاث نجمات “مشيلان”.