قبل أيام تواصلت معي جهة من أجل الكتابة عن موضوع يخص السينما!
طيب شوفوا مسألة أن أتحدث في مدونتي عن أشياء تخص السينما، ذكرياتي، ومشاهدتي وغير ذلك، هذا لا يعني أن أستكتب في السينما، بهذه الطريقة أنا أضع نفسي في مكان ليس لي، أنا أكتب السرد، ومؤخرا أصبحت أعتني بالتدوين، هذا هو اختياري لشكل الكتابة الذي أريده، لكن أستكتب كسينمائي هذا لا أرغب فيه أبدا، رغم المال الوفير؟ رغم المال الوفير.
دعوني أتحدث عن الأمر بكل صراحة، أنا كتبت نصوصا للسينما، وإحدى رواياتي تم نقلها للشاشة قبل سنوات، وكتبت سيناريو -لم ينفذ بعد- وقبضت ثمن ذلك نعم، والمال الذي أخذته لم أحصل عليه من إيرادات كتبي مجتمعة، أعترف بذلك، وأعترف أني لم أحب التجربة أبدا.
يا أخي أجواء الكتابة هناك مختلف تماما عن فعل الكتابة الذي تعودته، وهناك أشياء أخرى -بضم الألف وفتحها أيضا-!
بالنسبة لي أرى أن يعمل كل شخص في الحقل الذي يجيده، الروائي عليه أن يعكف على الكتابة دون أن يمد عينيه في المراعي الأخرى حتى وإن كانت أكثر وفرة ومواردا!
فعل الكتابة أمر أصيل وفريد وعظيم إذا كان الكاتب يملك أدوات الكتابة واشتغل على نفسه معززا لها، لا يعادل ذلك شرفا سوى الطب -أحبابنا المهندسين أعطونا فرصة نتنفس شوية-
لكن أنت في العشرين، يا رجل أنت لم تقرأ شيئا بعد!
أنت في العشرين يا رجل أنت لم تشاهد شيئا بعد!
..
وفي شيء مهم، حبيبي مشاهد الأفلام، حبك لمشاهدة الأفلام شيء، وصناعة الأفلام شيء آخر، عشان كذا لا تتهور.
..
على السينمائي أن يكرس اهتمامه بعوالمه التي يجيدها، لكن ما يحدث هو التقاطع في النص أحيانا، المخرج أو المنتج -لدينا- يود لو أن أصحابه في الوسط يكتبون نصوصا ويصبح سمنهم في دقيقهم، لكن فاقد الشيء لا يعطيه، ومن كتب في غير فنه أتى بالعجائب، والأمثال والحكم تكثر في هذا السياق، فيحدث أن يكون هناك رواية جيدة والسينمائي لا زال يفكر في الدقيق والسمن، فيحدث أن يتم “فشخ” النص وتشويهه، والسطو على رواية ما من قبل أناس لم يهذبهم الفن!
ويحدث أحيانا أن يتم التواصل بين صناع السينما والروائي من أجل اقتباس روايته سينمائيا، وفجأة “هوبا” يشترط أن يكتب هو السيناريو، وهو لا يملك أدوات كتابة السيناريو، وقد لا تكون علاقته بالسينما جيدة، وربما مشاهداته محدودة جدا.
الذي أراه ألّا يتدخل أحد في عمل الآخر، وفي حال الوقوف على عمل روائي يمكن توظيفه سينمائيا أن يتم ذلك وفق تعاقد واضح، وعادل بين الطرفين، يتنازل فيه صاحب الرواية عن حقوق العمل سينمائيا، ويدع لأصحاب الصناعة حرية التصرف فيه، وللمخرج حرية اختيار الرؤية التي يريدها، وأن يتخلص الروائي من عقدة الإخلاص للرواية، وأن يتمتع بالمال الذي قبضه من الشركة المنتجة، وأن ينتج لنا المزيد من النصوص الجميلة، دون أن يضع الشاشة نصب عينيه.
والا مو؟!
