القائمة

٢٨ ديسمبر

أهلا أبي بمد في العِلم السابق.

أول أمس جدي شهوان بن إبراهيم بن شهوان بن علي بن موسى بن عمر بن عثمان الرحيمي الحبيبي السعدي السليمي الدوسي الزهراني تناول العشاء وشرب بعض اللبن، ثم دخن، ونام واستيقظ بعد منتصف الليل، وطلب من حفيدته التي لا تتركه وحيدا بعض الماء البارد لأنه يشعر بحرارة في صدره، اجتمعوا عليه النساء الصالحات وهو في الرمق الأخير، ولقنوه الشهادة، ثم رفع سبابته ومات.

..

استيقظت الفجر قرأ الامام بأواخر سورة الحشر، نفس الآيات التي كنت تتلوها في صلاة المغرب.

بعد الصلاة ذهبت لأمي تحدثت معها قليلا عن مناسبة الملكة، ثم خرجت من عندها، توجهت للخارج، حيث بدأت تصبح.

هناك همس بأن هذا الوقت ليس للنوم، دخلت المنزل وأتى الخبر.

ذهبت لأمي وهي تقرأ سورة يوسف، وأخبرتها، ثم طلعنا الديرة، أنا وأمي وإبراهيم وسعيد، وخضران.

صلينا عليه في الحجرة، ودفناه في الجوار مع أهله، ذات المقبرة التي دفن فيها أغلب أفراد عائلته.

جدي الذي جمع بين الكرم والشجاعة، وطيبة القلب، والعطف، والصراحة الحادة التي تصل حد البتر، آن له أن يستريح بعد أكثر من قرن، لقد قضى سنواته الأخيرة في دفن الأبناء والأحفاد، حتى ظن أنه لن يموت وسوف يرث الجميع.

مات بين جباله التي شهدت معاركه، وصولاته، وجولاته، متمنطقا جنبيته الطويلة، بجوار حصن المشكول، هناك حيث المكان الذي شهد الكرم الرحيمي العميم، والتراحيب العالية التي ترددها السفوح، حيث باشرت العُرق والكفاف دماء القِرى الدائم، وسطع نور السماء فوق صِحاف العيش المرفوعة.

رحل صاحب الجلسة الفريدة، والسيجارة المحشورة بين أصبعين ناجيتين، صاحب النظرة المتأملة في الجبال، والمدى، في الحلال والسنابل، والتبغ، وفي السواد القادم للضيوف.

وبهذا طويت صفحة هائلة من تاريخنا الفذ، وقرن من الأصالة العتيقة، والعاطفة الغامرة، والشيمة الواسعة، رحمه الله.

وسلامتك.

شارك
طاهر الزهراني
طاهر الزهراني

طاهر الزهراني كاتب، وروائي، ومحرر أدبي.

المقالات: 56

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *