في معرض جدة للكتاب لن أحرص على شراء الكتب الجديدة، سوف أقوم بشراء نسخ أخرى لتلك الكتب التي سرقت مني وأعرف من سرقها، أو تلك التي أعرتها ولم تعد، لعدم اهتمام من أعرتهم، أو لأن هناك من يحاول أن يخرج أسوأ ما فيك وأنت تتغافل عنه!
لن أخوض في مسألة حماقة من أعار الكتب، وحماقة من يردها، وغير تلك الأمور التي تتنافى مع النبل، والشيم.
أسوأ من سرقة الكتب، أو عدم ردها أن تكون ملحا!
الأمر نفسه ينطبق على المال، السواد الأعظم من الناس يفضل أن يكون مديونا ولا يعيد المال لأهله، تتجمل عليه بقرض حسن، ويتمرد عليك بعدم القضاء أو الجحود، البشر متعلقون بالمال بشكل عجيب حتى لو كانت لديهم القدرة على سداد دينهم، وهذا مصداق قول الله “وتحبون المال حبا جمّا” لهذا جعلتها قاعدة عندي، المال الذي يذهب لا يعود، مستعد أنا أسامح بعد مطالبة أولى، لكن ليس لدي طاقة أن ألح بعد ذلك!
أسوأ ما في الدين الإلحاح برده!
بعيدا عن الكتب والمال، أن تطلب من أحدهم خدمة ما، ولا يخدمك وقتها -اغسل ايدك منه انتهى- تحترم الإنسان الذي يخبرك من بداية الأمر أنه لا يستطيع أن يخدمك لسبب أو لآخر، لكن تمقت ذلك الإنسان الذي يجمع بين الكذب والإهمال، أنا لا أستطيع الصمود أمام إنسان غير مهتم صدقا، لا أستطيع أن أضيع عمري في سبيل الإلحاح، اللحوح في الغالب يعاقب نتيجة إلحاحه، يعاقب فيخسر وقته، ويخسر ماء وجهه، وربما أسوأ من ذلك، يحكى أن المأمون رأى زبيدة تتمتم بكلام ما، فذهب إليها، وقال: بماذا تحدثين نفسك يا أماه؟ قالت: لا شيء، فألح عليها، فقالت: قبح الله الإلحاح، قال: كيف ذاك؟ قالت: كنت ذات ليلة مع أبيك ألعب الشطرنج، فهزمني، فطلب مني أن أنزع ملابسي وأمشي عارية في القصر، حاولت أن أثنيه عن ذلك لكنه أصر، في الجولة الثانية هزمته، فطلبت منه أن يذهب للمطبخ، ويجامع أقبح جارية هناك، فعرض علي الذهب والجوهر، فأبيت، وألحيت عليه، فعرض علي خراج مصر فأبيت وألحيت عليه، ثم أخذت بيده للمطبخ، وبحثت عن أقبح جارية، فكانت أمك، فواقعها، فحملت، ثم ابتلانا الله بك، وقتلت ابني وأخذت الحكم!
فخرج المأمون يردد: قبح الله الإلحاح، قبح الله الإلحاح.