“الكتابة؛ هي الملاذ من الضياع” كما يقول نجيب محفوظ، لذا هنا تدويناتي، ويومياتي، وتفاصيل أخرى حول الفن والكتابة، والحياة.

قميص الكتان وباريس مرة أخرى
إنها زيارتي الثانية لباريس، لذا راعيت مسألة فائض الوقت هذه المرة، فكوني زرت أغلب معالمها في المرة الماضية فالأمر مختلف الآن، سوف تكون هذه الرحلة أقرب لليومي؛ الذهاب للمقهى المجاور، القراءة، الكتابة، المشي، ومقابلة صديق في المساء، بالإضافة لاجتماعات المشروع الذي قدمت من أجله. عادتي قبل السفر بيوم في الغالب أحرص على الجلوس في البيت، هكذا أرغب في الراحة وأبتعد…

شعورك الأعظم
عندنا خلق الله آدم عليه السلام وعلّمه، غرس فيه الحرية، حرية الاختيار، رغم أنه سبحانه كان بإمكانه أن يجعله مسيرا، لكنه منحه تلك الميزة ثم أخبره بأن كل خيار له تبعات، فيختار آدم فننزل على الأرض فيكون البلاء في الاختيار، أن تكون كريما فتدفع أجود الخراف قربانا له، أو تكون بخيلا فتتقرب بقمح رديء، الخيار بأن تكون قاتلا، أو مسالما،…

“صحاك الشوق” والأسلوب المتأخر
يموت إدوارد سعيد فيصدر كتابه الأخير بعد ستة أشهر من وفاته، يموت سعيد بعد أطروحاته عن الشرق والغرب، والمقاومة، وجدل العلاقة بين المثقف والسلطة، ويترك صورا خلفه وهو يرمي الصهاينة بالحجارة، وهو يتحدث نحيلا في أيامه الأخيرة، حتى بعد وفاته يبعث لنا لحنه الفريد في كتابه الجميل “الأسلوب المتأخر”. الأسلوب المتأخر هو آخر هدايا العمر، يأتي مع الانكسارات، والجروح، والمثابرة الهائلة…

عن أستاذي محمد بلخير أحدثكم
أسمرٌ، أنيق جدا، يسابق عطره الفريد قبل دخول الفصل، ويلمع فص العقيق في يده كلما لوح بها، وهو يدرس مادة علم النفس أو مادة علم الاجتماع، فيتحدث تارة عن فرويد، وتارة عن ابن خلدون، وماكس فيبر، وكارل ماركس. يحدثنا عن السفر والفن، والأدب، له السبق في تدوير الكتب بين الطلاب، والانصات لمشاكلهم الخاصة، ومشاركة طلابه آخر قصيدة كتبها. لا يتردد…

في البداية عليك أن
لازلت أرى أن الكوارث التي قام بها نابليون وهتلر تعود لسبب واحد يتقاطعان فيه وهو قصر القامة نعم بكل بساطة، ربما يقوم أحدهم بالكتابة المطولة عن دوافع هؤلاء لفكرة احتلال الكرة الأرضية، لكنه بالنسبة لي سيعود للسبب التافه الذي ذكرته، إنهما يريدان أن يقتلوا كل البشر حتى لا يشعروا بالقصر! كل شعور بالنقص ينكفئ عليه الإنسان وتترجمه تصرفاته، يؤدي إلى…

صنع الله وحامد القرشي
القارئ للتجربة السردية المصرية يدرك تماما أن الروائي صنع الله إبراهيم كان تجربة مختلفة، ومتجاوزة ،ومتخففة كثيرا من المدرسة المحفوظية، وستبقى روايته “اللجنة” و”وردة” من أقرب الأعمال إلى قلبي. يمتاز صنع الله غير كونه روائي بارع وصاحب تجربة مختلفة أنه متسق مع ذاته وكتابته ومواقفه، أفكاره، أسلوبه طريقته، مما يجعله مثقفا بارزا ليس على الصعيد المحلي بل على الصعيد العربي…

أيام الضيوف
أول صورة أتذكرها في طفولتي صورة مجلسنا الصغير المليء بالضيوف. في صغري كانت تمر أيام العُسر على بيتنا، شيء يشبه الجفاف، سكون كئيب، وغبار يرقد فوق الزوالي والمراكي، وتصبح الوجوه شاحبة، فأقترب من أمي وأسألها عن الحالة فتقول: فقدنا الضيف! أتذكر مرة بعد تقاعد أبي، توقف راتبه عن النزول بسبب إجراءات التقاعد، انهل علينا الضيوف بشكل هائل، وكان من محاسن…

وقت الكتابة
صدرت آخر رواية لي عام ٢٠٢٠م ما قبل هذا التاريخ كان الوقت مسخرا للكتابة، فطوال تلك السنوات -ويعرف هذا بعض الأصدقاء- كنت بعد الدوام الذي أقضي فيه معظم ساعات اليوم أعود للبيت للنوم مبكرا، ثم الاستيقاظ فجرا من أجل الكتابة، أكتب لمدة ساعتين متصلة هذا وقت الكتابة، بعد ذلك أقضي يومي في أي شيء، أيام الكتابة لا أقرأ، الذهن يكون…

رسّام الحي
ساحة “دو تيرتر” خلف كنيسة القلب الأقدس في باريس، هي معرض تشكيلي حي يتجمع فيه الكثير من الفنانين التشكيلين لعرض لوحاتهم فيه، وأيضا لرسم الزوار مقابل بعض المال. قابلت هناك بعض الرسامين العرب، يعرضون لوحاتهم البديعة، وهم ليسوا مجرد هواة، بل يتمتعون بأسلوب فني لا يخفى على أي شخص لديه بعض الخلفية عن الفن. الرسامون العرب هؤلاء ببساطة لم يجدوا…

ما أفكر فيه اليوم
العودة للأرشيف هذا العام تكرست لدي قناعة بالاكتفاء بما جمعته في أرشيفي الخاص على مدى الأربعة عقود الماضية، كتبي، ومجلاتي، وأغنياتي، وأفلامي، واختياراتي القديمة. مؤخرا لا أستطيع أن أمنح كاتبا لا أعرفه فرصة للقراءة، لن أقرأ مقالا لكاتب لم يظهر إلا بعد الذكاء الاصطناعي، أو روائي ظهر لنا فجأة دون سابق إنذار، أو مخرج ظهر للتو وأخذ ينظّر في الفن،…