أول فيلم شاهدته له في التسعينات، كان فيه نوع من الغرابة، حتى في حضور توم كروز الذي كان في غير العادة، ولم أهتم به كمخرج حينها، حتى جاء في فيلمه الطاغي “ستكون هناك دماء” حيث تحدث عن السلطة، والطغيان، والاستبداد، وعرف كيف يستثمر قدرات المذهل دانيال دي لويس، ثم تجلى لي لاحقا بعد مشاهد فيلم المعلم حيث تحدث عن شيء يقابل السلطة وهم الاتباع، عن الشاب الذي ينصاع لتوجيهات معلمه دون بصيره وتفكير، العمى الذي يصاب به الاتباع دائما، والذين هم في الغالب ضحايا لسلطة ما، توجههم، فيذهبون إلى الهلاك دون وعي، وهنا تحضرني رواية “الناجي” لتشاك بلانيك.
إذن هنا رؤية عميقة لمخرج فذ، وقد كرس هذه الرؤية مرة أخرى عندما أخرج الفيلم التالي بتعاقد آخر مع دانيال دي لويس “خيط وهمي” فبين السلطة والأتباع، هناك شيء آخر محايد ولديه موقف من هذين الطرفين ألا وهو “الفنان” إذن يأتي دور الفنان والذي أتى هذه المرة على شكل مصمم أزياء يقع في حب امرأة تملك جسدا يليق بفنه.
وكونه فنان لعبته الخياطة ورسم طريقها بحيث تليق بالانحناءات، علمت المرأة أنها ضحية سلطة فنان مزاجي جدا، فخلقت لها خيط خاص بحيث تحافظ على توازن حضور حياتها عبر الخيوط والفطر.
ربما أنا أعفس هذه الأفكار عفسا، لكن ماذا عن ثورة اليمين واليسار، وعلاقة ذلك بالسلطة والاتباع مرة أخرى، وما دور الفنان في معالجة الأمر!
نحن ياسادة أمام مخرج عبقري لازال يتحفنا بفيلم تلو أخرى، و”معركة تلو أخرى”.